ثقافة وفن

تقرير الندوة الدولية: قيم المواطنة والهجرة الدولية ” استكشاف التحديات وسبل التعزيز”

الدكتور جواد عجوري مدير فريق البحث المنظم

بسم الله الرحمن الرحيم،
استمرارا في الدينامية العلمية التي يعرفها مركز كرت للدراسات والأبحاث، واهتمامه المتواصل بالقضايا المجتمعية ذات البعد القيمي والإنساني، نظم المركز بشراكة مع عدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، ندوة دولية علمية تحت عنوان: “قيم المواطنة والهجرة الدولية: استكشاف التحديات وسبل التعزيز”، وذلك عبر تقنية التناظر المرئي (زووم) خلال أيام 4 و5 و6 ماي 2025. وقد أشرف على تنظيم هذه الندوة العلمية الدكتور جواد عجوري والدكتور حكيم زروق، وشارك في التنسيق العلمي والتنظيمي الدكتور المصطفى قريشي، والدكتور عبد العزيز عزوزي، والأستاذ بوجمعة شكود، والدكتور عبد القادر التايري، والدكتور محمد عسيوي.
تم تنظيم هذه الندوة بتعاون مع ماستر المنازعات القانونية والقضائية والذكاء الاصطناعي بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، والمركز الجامعي لدراسات الهجرة بجامعة محمد الأول بوجدة، ومركز الشرق للدراسات والأبحاث بجرسيف، ومجلة الشرق الأوسط للدراسات القانونية والفقهية الصادرة عن منار الشرق بالأردن، ومجلة كرت للدراسات الشرعية والقانونية والتربوية.
افتتحت أشغال الندوة يوم الأحد 4 ماي 2025 بجلسة افتتاحية ترأسها الدكتور عبد الكريم العساتي، عضو مركز كرت للدراسات والأبحاث، حيث تم تقديم كلمات باسم المركز المنظم والشركاء. قدم الدكتور حكيم زروق كلمة باسم فريق البحث في الدراسات الشرعية والفكرية والقانونية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية والنفسية، كما قدّم الدكتور المصطفى قريشي كلمة باسم ماستر المنازعات القانونية والقضائية والذكاء الاصطناعي، وقدم الدكتور عبد القادر التايري كلمة باسم المركز الجامعي لدراسات الهجرة نيابة عن رئيسه الدكتور بكوري عبد الحق، بينما ألقى الدكتور فؤاد الربع كلمة باسم مركز الشرق للدراسات والأبحاث، وقدّم الدكتور جواد عجوري كلمة باسم مجلة كرت للدراسات الشرعية والقانونية والتربوية الصادرة عن مركز كرت.
تلا ذلك انعقاد الجلسة العلمية الأولى في الفترة الصباحية، تحت عنوان: “مكانة حب الوطن في الشريعة الإسلامية وسبل تعزيز قيم المواطنة من خلال التربية والتعليم”، وقد أدارها الدكتور محمد عالي أحمد الفاروق، الأستاذ الجامعي بجامعة العيون الإسلامية بموريتانيا، وشارك فيها سبعة باحثين بأوراق علمية نوعية.
أما الجلسة العلمية الثانية، التي انعقدت مساء نفس اليوم، فقد كانت تحت عنوان: “الهجرة الدولية والتنمية والمواطنة”، أدارها الأستاذ المصطفى قريشي، أستاذ التعليم العالي المؤهل بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، وشارك فيها أربعة باحثين، بينما تغيب ثلاثة باحثين عن المشاركة.
في اليوم الثاني، الإثنين 5 ماي 2025، افتتحت الجلسة العلمية الثالثة في الفترة الصباحية، تحت عنوان: “الهجرة الدولية وتحديات الهوية والانتماء في ظل العولمة والتطور التكنولوجي”، وقد أدارها الأستاذ عبد الرحيم عنبي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط وعضو مركز كرت، وعرفت مشاركة ثمانية باحثين بأوراق علمية ثرية ومتميزة.
وفي الجلسة العلمية الرابعة التي انعقدت مساءً، والتي حملت عنوان: “نماذج من تشريعات دول المهجر المتعلقة بالجنسية والمهاجرين وتأثيراتها على الارتباط القانوني بين المهاجر وبلده الأصلي”، تولت إدارتها الأستاذة حليمة مفتاح، الطالبة الباحثة بسلك الدكتوراه وعضو مركز كرت، وشارك فيها ستة باحثين، في حين سجل غياب باحث واحد.
وفي اليوم الثالث، الثلاثاء 6 ماي 2025، افتتحت الجلسة العلمية الخامسة في الفترة الصباحية تحت عنوان: “دور العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والنفسية والفكرية والدينية في تراجع قيم المواطنة والانتماء”، وقد أدارها الدكتور عبد القادر التاير ي وهو أستاذ محاضر مؤهل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، وشارك فيها سبعة باحثين، مع تسجيل غياب أحد المتدخلين.
واختتمت الندوة في المساء بعقد الجلسة العلمية السادسة تحت عنوان: “آليات التدبير الجيد لثنائية الهجرة والمواطنة من الزوايا الدينية، التربوية، الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، القانونية، السياسية، والنفسية”، وقد أدارها الأستاذ بوجمعة شكود، عضو مركز كرت للدراسات والأبحاث وطالب باحث بسلك الدكتوراه، وشارك فيها ثمانية باحثين.
وقد تميزت الندوة بجودة المداخلات، التي تناولت موضوع الهجرة والمواطنة من زوايا متعددة ومتكاملة، وجمعت بين المقاربة النظرية والدراسة الميدانية، وعكست مستوى أكاديميًا راقيًا في الطرح والمعالجة. كما أثمرت النقاشات تفاعلاً كبيرًا من طرف الحضور الذين أغنوا المداخلات بأسئلتهم الدقيقة، مما أسهم في بلورة تصورات واضحة واستنتاجات عملية حول الموضوع.
أسفرت الندوة عن عدد من النتائج الهامة، من أبرزها التأكيد على أن تعزيز قيم المواطنة يتطلب تربية متوازنة واعية، وأن الهجرة الدولية، وإن كانت تمثل تحديًا، إلا أنها تحمل فرصًا لتعزيز هذه القيم. كما أوصت الندوة بضرورة تطوير التشريعات الوطنية بما يضمن حماية الحقوق القانونية والاجتماعية للمهاجرين، وأكدت على أهمية اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد في معالجة قضايا الهجرة والمواطنة.
وقد خرج المشاركون بجملة من التوصيات العملية موزعة على مجالات متعددة، ففي الجانب التربوي والديني، تمت الدعوة إلى تعزيز التربية على القيم الوطنية في المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها، والاستفادة من القيم الإسلامية لترسيخ حب الوطن والانتماء، مع إدماج موضوع الهجرة والمواطنة ضمن المناهج الدراسية. أما في الجانب القانوني، فقد أوصت الندوة بتحديث التشريعات ذات الصلة بالمهاجرين، ودراسة تشريعات دول المهجر بهدف حماية الحقوق وتعزيز الروابط القانونية، إلى جانب تشجيع توقيع اتفاقيات ثنائية بين دول الأصل ودول الاستقبال.
وفي المجال الاقتصادي والاجتماعي، تمت التوصية بدعم المبادرات التنموية للمهاجرين، وتوفير برامج مواكبة لاندماجهم في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، مع تشجيع نقل الخبرات من الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج. كما شددت التوصيات في الجانب الثقافي على أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية لدى أبناء الجالية، ودعم اللغة العربية والثقافة المغربية في المهجر، مع تعزيز التبادل الثقافي بين الداخل والخارج. أما في المجال الأكاديمي، فقد دعت الندوة إلى إنشاء وحدات بحث متخصصة داخل الجامعات، وتنظيم دورات وورشات علمية، وإصدار دراسات دورية في الموضوع. كما أكدت على ضرورة إشراك الجالية في الحياة السياسية، وتسهيل الخدمات القنصلية، وتفعيل قنوات التواصل المؤسساتي. وفي الجانب الإعلامي، أوصت بإنتاج محتوى توعوي موجه للمغتربين، والتصدي لخطابات الكراهية، إلى جانب تسخير الإعلام لتعزيز صورة إيجابية عن المهاجرين. أما في المجال النفسي والاجتماعي، فقد أوصت بتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمهاجرين وأسرهم، خاصة الأطفال والنساء، حمايةً لهم من الهشاشة والتهميش.
وفي ختام أشغال الندوة، عبّر فريق البحث التابع لمركز كرت، المنظم لهذا الحدث العلمي، عن عميق شكره وامتنانه لكافة الشركاء والمتدخلين والمنظمين والمشرفين، وللجنة العلمية وهيئة التدقيق اللغوي، ولأعضاء لجنة العلوم والتكنولوجيا، ولكل من ساهم في إنجاح هذه الندوة في جانبها التقني والتنظيمي والعلمي. كما ثمن الجميع المساهمات النوعية التي عرفت بها الندوة، وأعربوا عن أملهم في أن تُشكل مخرجاتها مرجعًا علميًا وعمليًا يسهم في تعزيز قيم المواطنة، وفهم أعمق لقضايا الهجرة في ظل التغيرات العالمية المتسارعة.
والله ولي التوفيق.
لمتابعة البث المسجل لجميع جلسات الندوة يرجى زيارة صفحة المركز على الفايسبوك:
https://www.facebook.com/profile.php?id=61555403720421&sk=grid

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى