
في زمنٍ تتكاثر فيه الهزائم وتُعاد فيه صناعة الانبهار بالغرب، خرج من بين ركام التبعية رجلٌ قرّر أن لا يعود من الغرب خاوي الوفاض.
لم يأتِ ليُحدّثنا عن الحريات الزائفة ولا عن فلسفة التعري والانفلات، بل عاد وفي يده سلاحٌ غيّر موازين القوة في جنوب آسيا، وأيقظ أملًا نائمًا في الذاكرة الإسلامية: الدكتور عبد القدير خان، “أبو القنبلة النووية الباكستانية”.
الطريق إلى النووي لم يكن مفروشًا بالورود.
بل كان محفوفًا بالمخاطر، بالخداع الاستراتيجي، وبدهاء العقول التي آمنت أن إرادة الأمة يجب أن تُترجم إلى قُدرة. وكما روى الأستاذ ناصر الدويلة، فإن المفاعل النووي الذي بنى عليه عبد القدير خان مشروعه لم يُشترَ ويُنقل بالطريقة التقليدية، بل عبر خطة استخباراتية بارعة خططتها المخابرات الباكستانية، ونُفذت بغطاء محكم، حيث نُقل المفاعل من ألمانيا الغربية إلى الكويت تحت ستار “مصنع خرسانة”، قبل أن يُعاد تصديره إلى ميناء جبل علي، ومنه إلى باكستان… حيث دُفن في قلب الجبال لتبدأ المرحلة الحاسمة من الحلم النووي.
كان قلب الدكتور عبد القدير خان معلّقًا في الهواء،
ليس فقط حين شاهد رافعة الميناء ترفع قلب المفاعل، بل طوال سنوات من العمل، المتابعة، الحذر، والتحدي. في زمنٍ كانت فيه الأمة تبحث عن معجزة… كان خان يصنعها.
وفي عهد الرئيس ضياء الحق، الذي وفّر الغطاء السياسي والعسكري، أُعلن النجاح الأكبر: *باكستان دولة نووية إسلامية، تقف في وجه غطرسة الهند وتوازن كفتها*. يومها، لم تكن القنبلة مجرد قطعة سلاح، بل إعلان بأن الأمة ليست قاصرة، وأن القوة لا تأتي بالخطابات، بل بالفعل والعلم والإرادة.
القصة أكبر من سلاح.
إنها درس في العزة، في التخطيط، وفي رفض أن تبقى الأمة مستهلكة لأدوات الردع دون أن تصنعها. وهي أيضًا مفارقة تاريخية: *ذهب عبد القدير خان للغرب فعاد لنا بالنووي… وغيرُه عاد بالانبطاح والفراغ.*
والفرق واضح بين من يرى في الغرب مدرسةً يأخذ منها ما يعزّه، ومن يراه معلمًا ينسخه حتى في عريه وانحلاله.
*ختامًا:*
قصة عبد القدير خان يجب أن تُدرّس في مناهجنا، لا فقط كمعلومة عن النووي، بل كنموذج للعزيمة، للذكاء، وللقول الإلهي الخالد:
*{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}.*